عربتي خرساء بكماء

قصائد مختارة للشاعر والأديب الموج بيهار.

عربيّتي خرساءُ                   

من العبرية: ريما أبو جابر

 

عَرَبيّتي خرساءُ

غاصَّة

تسُبُّ نفسها

دون أن تتفوّه بكلمة

تنامُ في هواء ملاجِئ نَفسِي الخانق

تختبِئُ

من أبناء العائلة

خلف ستار العبريّة.

 

وعبرِيَتي تهتاجُ

تتراكض بين الغرف وشرَف الجيران

تُسمعُ صوتها للجُموع

تتنبّأ بقدومِ اللهِ

وبلدوزراتٍ

وعندها تنزوي في الصالون

تفكّرُ في نفسها

ظاهرةً ظاهرة على حافّة جسدها

مغطّاةً مغطّاة بين اوراقِ لحمها

لحظة عارية ولحظة مكسوّة

تنكمشُ في الكنبة

تطلبُ معذرة قلبها.

 

عربيّتي خائِفةٌ

تتنكّر بصمتٍ للعبريّةِ

وتهمسُ للأَصدقاء

مع كلِّ طرقةٍ على أبوابها:

“أهلاً أهلاً”.

وأمام كل شرطيٍّ يمرُّ في الطريق

تبرزُ هويّةً

تشير إلى البند المدافع:

“أنا من اليهود ، أنا من اليهود”.

 

وعبرِيَتي صمّاء

أحيانًا صمّاء للغاية.

 

لغتي العربية بَكْمَاء 

من العبرية: شاؤول نيسيم

 

لغتي العربية بَكْمَاء

مختنقة من الحلق

تشتم نفسها

من دون أن تلفظ كلمة

نائمة بالهواء الخانق في ملجئ نفسي

مختبئة

من الأقارب

من خلف ستار العبرية.

 

وعبريتي هائجة تهرول بين الغرف وشُرف الجيران

يجهر صوتها على الملأ

تتكهن قدوم الرب

والجرافات

وحينئذ تختبئ في الديوان

تفكر في نفسها

بوضوح وبوضوح على حافة جلدها

منطوية بين صفحات لحمها

فللحظة هي عارية وللحظة أخرى مرتدية

منكمشة على الأريكة

تسأل عن الغفران قلبها.

 

لغتي العربية تخاف

بصمت تتظاهر كالعبرية

تهمس للأصدقاء

لكل من يطرق أبوابها

“أهلًا أهلا” ”

وأمام كل شرطي عابر الطريق تستل هويتها

تشير للفقرة الوقائية

“أنا من اليهود أنا من اليهود”.

 

لغتي العبرية صماء

وأحيانًا صماء كثيرًا.

 

امل هي تِقْوَة*              

من العبرية: ألموج بِيهَار

 

أمَل هِيَ تِقْوَة، حَيَاتي هي حَيَاي،

وعِنْدَمَا تَلْتَقِيَانِ

بين شفتي أم كلثوم

واُذنِيَّ

عطَش شديد يَحْفِر آبارًا

في قلبي.

 

*تقوة وتلفظ تكفا تعني الأمل بالعبرية.

 

نسيت لساني

 

نسيت لساني, ألقيته في طي النسيان
ولا اعرف كيف بُتر مني
بدون صوته لم أناجي نفسي مجدداً
ومع قلبي تبعته روحي وراءه أيضًا
وبالحقوق كلام لم يبقَ لي منه
لكن الخوف ان اخرج كابن (لم تلده)
لذا بعد أن سمعت قلبي الاجوف
أمرتُ أن يتقلب قلبي
وكنت واقف مع قلبي في ثورته
أيام طويلة ايام طويلة,
وكلانا نكرر: كيف نسيت لساني,
كيف ألقيته هكذا في طي النسيان.

 

باحة في القدس  

من العبرية: مروان مخول

 

متعته الليلية قرصُ الحُب

في جسدي، في باحةٍ قدسيّةٍ، بينَ الأحجارِ والكرمة،

بينَ أنغامِ العودِ و “اللادينو”، بينَ حيطانِ جسدي،

على أطراف الباحة جدارٌ حديديٌّ قديم، هناك التصقت،

عجوز محجبة، أتت من الزُقاق.

وفي طريقها إلى البيت عائدةً من بيت الله تتذوّقُ الأنغامَ،

تتخيّلُ أنّها للحظةٍ تزال ابنة الملك،

تعبر بين الباحات. وكأنَّ العود لغةً ممنوعةً

عن مسامعي، تتحرّرُ في الباحةِ من قيود آسره، وأنا

الذي درّبت نفسي على رضاعة العسل من الصخر،

أتعلّمُ شرب الرّحيقِ من فتاةٍ. عينا العجوزِ تضحك

من خلف ظهر العازفين والمطربة السمينة والجميلة.

وهي خُيّلت لي كأنها جدّتي، قبل موتها

عادت لتتكلّم بالعربية، دون العبريّة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *