الرسائل
محمود درويش وسميح القاسم
“مسكين ساعي البريد المتنقل بيننا مثل رقاص ساعة أثرية. مسكين ساعي بريدنا، حمل رسالتك- دمعتك – الأخيرة، فحملته الحيرة كيف يوصلها إلي؟”
تبادل الشاعران الفلسطينيّان محمود درويش وسميح القاسم، على امتداد عامين (في الفترة الواقعة بين أيّار عام 1986 وأيّار عام 1988)، رسائل علنيّة تحوّلت إلى كنز من كنوز الأدب والشعر العربيّ الحديث. أحدهما ابن البروة الذي هُجّر من الوطن، والآخر ابن قرية الرامة المهجَّر داخلها. صديقان تقاسما مرّة حيّزًا وشقّة، فحَوَّلا الكلمات إلى جسر يربط بينهما. رسائل حول الصداقة والحبّ، والشعر والمقاومة، وحول الخاصّ والعامّ. هذه الرسائل تحكي قصّة جيل من الشعراء يضمّ راشد حسين، وأبو سلمى، وطه محمّد علي، وتوفيق زياد وآخرين. مسألة مكان وموقع هذا الجيل الشعريّ ما زالت خلافيّة وغير محلولة. وكما كتب سميح لمحمود: “انني خجل من مكوثي، خجل من رحيلك..”
الرسائل هي وثيقة مشوّقة ومدركة لذاتها، وهي تمْعِن النظر في النوع الأدبيّ الذي يسمّى كتابة رواية – رسائل من خلال السعي للإجابة عن التساؤل الذي افتتح به درويش الرسالة الأولى: “وما قيمة أن يتبادل شاعران الرسائل”؟
حول ترجمة الرسائل:
نُشرت الرسائل المتبادلة بين الشاعرين الشهيرين محمود درويش وسميح القاسم للمرّة الأولى في المجلّة الفلسطينيّة “اليوم السابع” التي كانت تَصدر في باريس، ونُشرت بالتزامن في صحيفة “الاتّحاد”. في العام 1989، جُمعت هذه الرسائل في كتاب، وصدرت عن دار النشر الحيفاوية “عربسك”. اعتَمَدت الترجمة إلى العبريّة من قِبل د.حانا عميت كوخاڤي على النصّ الأصليّ للرسائل كما صدرت في الصحافة العربيّة. صدرت الرسائل بالعبريّة في صيغة مبكرة عن دار النشر “مفراس” (“بين شطرَيِ البرتقالة”)، وهي تصدر الآن بنسخة محدَّثة بترجمة عميت كوخاڤي، وبناءا على نموذج الترجمة الثنائيّ القوميّ المعتمد في “مكتوب” (وضمّ طاقم الترجمة كلًّا من: إياد برغوثي؛ تامي يسرائيلي؛ روتيم راز؛ أميرة بنياميني-نيڤو). أضيفت إلى الرسائل قصائد مختارة ترجمها د. نبيل طنّوس، وعيدان برير، وَد. حانا عميت كوخاڤي؛ وخاتمة جديدة كتبها د. رائف زريق).
محمود درويش يُعتبَر الشاعرَ القوميّ الفلسطينيّ، ومن أهمّ شعراء الشعر العربيّ الحديث. وُلِدَ عام 1941، في قرية البروة الجليليّة التي هُجّر أهلها منها في العام 1948، وأقيمت على أنقاضها بلدتان يهوديّتان هما يسعور وأحيهود. تضمّ أعمال درويش الشعرية أكثر من 30 مجلّدًا شعريًّا وأحد عشر كتابًا نثريًّا. حاز على العديد من الجوائز، وتُرجِمت أعماله إلى العديد من لغات العالم. توفّي درويش في الولايات المتّحدة الأمريكيّة في العام 2008، وَوُورِيَ جثمانه الثرى في مدينة رام الله، وأقيم بجانب ضريحه متحف يخلّد حياته وأعماله.
سميح القاسم هو شاعر وأديب وصحفيّ، وارتبط اسمه بالنضال الفلسطينيّ. وُلد في العام 1939، في مدينة الزرقاء (في الأردن)، لعائلة أصلها من مدينة الرامة في الجليل، وعاش فيها معظم حياته. أصدر القاسم أكثر من 60 من الدواوين الشعريّة والروايات والمسرحيّات والترجمات المختلفة. تُرجم الكثير من قصائده إلى لغات شتّى. توفّي سميح القاسم في صيف 2014 في الرامة، بعد صراع مرير مع مرض السرطان.
ترجمة: حانا عميت-كوخاڤي | طاقم التحرير: اياد برغوثي، نبيل طنوس، عيدان برير، يوتام بنشالوم، رائف زريق، اميرة بنياميني-نافو، يهودا شنهاف-شهرباني