يُعرّفُ مشروع سلسلة “مكتوب” عن هويته ورسالته الأدبية الثقافية، في موقعه الإلكتروني، بأنه “المشروع الوحيد في العالم، في الوقت الحالي، المُخصَص لترجمة الأدب العربي إلى اللغة العبرية” وأنه يسعى إلى “التخلّص من النظرة الاستشراقية الإسرائيلية تجاه العرب والمنطقة العربية، من خلال قناعة راسخة أنّ بإمكان الترجمة أن تُساهم في مقاومة نظام الفصل بين اليهود والفلسطينيين ومبنى القوة الاستعماري بين اللغتين، وذلك عبر تطبيق نموذج السيادة المشتركة في مجال الترجمة، إذ أن عمل مكتوب مؤسّس على عمل مشترك بين يهود وفلسطينيّين، بشكل يتحدى نموذج الترجمة السائد”. مبرزاً أنه “مشروع ثقافيّ مستقلّ غير تجاري ولا يتوخّى الربح، ولا تربطه أدنى علاقة مع أية جهة رسمية أو حكومية”.
“رمان الثقافية” سعت من خلال هذا التحقيق إلى التعرّف أكثر على تفاصيل هذا المشرع الساعي لإتاحة الأدب العربي والفلسطيني لقراء العبرية بعيداً عن مؤسّسات دولة الاحتلال وأكاذيبها، لتوضيح الكثير من النقاط الهامة حول ترجمة النصوص الأدبية لكتّاب عرب وفلسطينيين إلى العبرية، والتي تشوبها عدة مغالطات، وذلك في نقاش فلسطيني/فلسطيني قديم جديد.
بداية حديثنا كانت مع المسؤولة الإعلامية في “مكتوب”، المترجمة كفاح عبد الحليم، التي سألناها عن الغايات المُشتهاة من ترجمة الأدب الفلسطيني والعربي إلى العبرية، من منظور “مكتوب”، فأجابت قائلة: نحن في “مكتوب” ننظر إلى فعل الترجمة كفعل مقاومة أو “اشتباك ثقافي” كما وصفه أديبنا الراحل سلمان ناطور الذي كان من مؤسّسي “مكتوب”. يتأثر اختيارنا للكتب بهذا المنطلق، فعدا عن القيمة الأدبية للعمل، نحاول اختيار أعمال أدبية تتحدى النظرة السائدة في إسرائيل تجاه الفلسطينيين والعرب، وتنقل السرديّة الفلسطينية حول تاريخ وثقافة البلاد للقرّاء الإسرائيليين، في مواجهة سياسات التغييب والمحو التي تمارسها المؤسّسة الإسرائيلية. هناك تجهيل متعمد للإسرائيليين من قبل الدولة والإعلام وجهاز التربية حتى، وليست صدفة بأنّ غالبية الإسرائيليين ما زالوا يتبنون السرديّة الصهيونية الرسمية حتى اليوم خاصة وأنهم لا يتحدثون العربية ويعتمدون في معلوماتهم على المصادر العبرية. قبل تأسيس المشروع بفترة وجيزة، قمنا بدراسة أظهرت بأنّ أقل من ١٪ من الإسرائيليين قادرين على قراءة كتاب بالعربية (!!)، وأدركنا بأنه من واجبنا كمترجمين فلسطينيين، ومترجمين إسرائيليين مناهضين للاستعمار، أن نفتح، من خلال الأدب، أمام القرّاء الإسرائيليين باباً للاطّلاع على سرديّة مغايرة ليسمعوا صوت الفلسطيني من الضفة وغزة والداخل والشتات، وصوت الكتّاب العرب كما هو دون تشويه واستشراق وأفكار نمطية وعنصرية.