يؤسفنا ما يجري في الأيام الأخيرة من محاولة زج سلسلة “مكتوب” في صراعات شخصية وتنظيمية لا علاقة لنا بها، ونؤكد التزامنا بمبادىء عملنا السياسية والمهنية والأخلاقية. وقد ارتأينا إعادة التأكيد على هذه المبادىء بمواجهة ما نُشر من معلومات مغلوطة وغير دقيقة بحقنا.
إننا في سلسلة “مكتوب” نرى بترجمة وإتاحة الأدب العربي والفلسطيني إلى قرّاء العبرية، بحسب نموذج عملنا الاستثنائيّ، مقاومة ثقافيّة فعليّة للاستعمار ونظام الفصل العنصريّ في فلسطين التاريخية، وجزءًا متواضعًا وصغيرًا من النضال والمرافعة من أجل الحقوق الفلسطينيّة. لقد أسّس سلسلة “مكتوب” ويقودها كتّاب ومترجمون فلسطينيّون من مناطق ال-48 ويهود كلّهم مناهضون للاحتلال ومناصرون للقضية الفلسطينية، مرتكزين إلى قناعة بأنّ ترجمة الأعمال الأدبيّة والتاريخيّة العربيّة والفلسطينيّة إلى اللغة العبريّة هي فعل سياسيّ–ثقافيّ ناجع لإيصال السرديّة الفلسطينيّة ومواجهة إنكار التاريخ ونزع الإنسانيّة في واقع فيه أبرتهايد لغويّ وصراع سرديّات.
تعتمد سلسلة “مكتوب” سياسة شفافة وواضحة، بموجبها لا تتم الترجمة دون موافقة الكتّاب او ورثتهم او طرف ثالث موثوق. لم نترجم أي كتاب دون موافقة ولن نقوم بذلك. في الوقت ذاته، نحترم ونتفهّم عدم موافقة الكتّاب على الترجمة لأنّنا نعي جيدًا الواقع السياسيّ المركّب الذي نعمل في إطاره، كما نتعامل بحساسية قصوى حتّى مع تراجع الكاتب/ة عن موافقته/ا على الترجمة لأي سبب كان، فمشروعنا لا يقبل أن يقوم بخطوة تتنافى مع حقوق وحريّات الكتّاب.
لقد طوّرنا نموذج عملنا في “مكتوب” ليتلاءم ومعايير حركة المقاطعة، ومساحة الفعل التي تمنحها، بحيث أوجدنا حلولًا تُتيح ترجمة أعمال أدبيّة وتاريخيّة لكتّاب عرب وفلسطينيّين دون المسّ بهذه المعايير، مثل عدم إلزام الكتّاب العرب والفلسطينيّين من مناطق ال67 بتوقيع عقود أو المشاركة في أنشطة ثقافيّة أو مقابلات صحفيّة، وعدم حصولنا كمشروع مستقلّ وغير هادف للربح على أي دعم من مصادر رسميّة أو صهيونيّة.
يعمل مشروع “مكتوب” في إطار مؤسّسة فان لير البحثيّة العريقة التي تنشر أبحاثاً اجتماعية وسياسية وإصدارات نقديّة منها نذكر: كتاب “نكبة وبقاء“، وكتاب “اللغة العربيّة كقناع استعماري“، وكتاب “بطاقة ملكية” عن الكتب الفلسطينية المسروقة، وكتاب “النكبة والكارثة“، وكتاب “قانون حي” عن الاحتلال. تعتمد فان لير في تمويلها على صندوق فان لير الهولندي الخاص، ومن ضمن العاملين فيها نخبة من الباحثين من فلسطينيي ال–٤٨ الذين تتحدث أعمالهم عنهم وعن مواقفهم السياسية والأخلاقية التي لا غبار عليها.
نأمل بأن يشكل الجدل الدائر مؤخرًا فرصة لإجراء نقاش موضوعي وجوهري حول أهمية ترجمة الأدب الفلسطيني والعربي إلى العبرية، من خلال نموذج عمل تحرّري مثل نموذج “مكتوب“، كونه من المحاولات القليلة التي تروج لسردية بديلة أمام المعتقدات والتصورات المغلوطة التي تعمل المؤسسة الإسرائيلية على تكريسها.