اللزوميات
أبو العلاء المعري
“الساعُ آنِيَةُ الحَوادِثِ ما حَوَت
لَم يَبدُ إِلّا بَعدَ كَشفِ غَطائِها
وَكَأَنَّما هَذا الزَمانُ قَصيدَةٌ
ما اِضطُرَّ شاعِرُها إِلى إيطائِها
لَيسَت لَياليهِ مُحِسَّةُ كائِنٍ
وُصِفَت بِسُرعَتِها وَلا إِبطائِها
وَالمِصرُ آنَسُ مِنهُ خَرقُ مَفازَةٍ
أَنَسَ الدَليلُ بِقافِها مَعَ طائِها
وَسِهامُ دَهرِكَ لا تَزالُ مُصيبَةً
صُرِفَت بِإِذنِ اللَهِ عَن أَخطائِها
إِنَّ المَواهِبَ كُلَّها عارِيَّةٌ
وَمِنَ السَفاهَةِ غَبطَةٌ بِعَطائِها”
هذه الأبيات كتبها الشاعر وفيلسوف العقل أبو العلاء المعرّي في مطلع الألفيّة الثانية. وقد وصف أبو العلاء نفسه بأنّه “رهين المحبَسين”: محبَس العمى ومحبَس البيت، لأنه اعتزل حياة الناس، ولزم بيته طوعا بعد عودته من بغداد وحتى مماته.
هذا الكتاب “اللزوميات – لزوم ما لا يلزم” يضمّ مختارات من مشروعه الشعريّ الجريء الذي يضمّ أكثر من 1500 قصيدة. شكّك المعريّ في كل أشكال المعتقدات العمياء وتحدّى الأعراف الاجتماعيّة والسياسيّة في عصره، كما تحدّى القالب الشعريّ الذي طغى على القصيدة العربيّة في زمانه (“القافية المبتذلة”). الصورة الشعريّة: “وَسِهامُ دَهرِكَ لا تَزالُ مُصيبَة” تحوّلت إلى واحدة “من سخريات القدر” عندما قامت عصابات “داعش” بتحطيم تمثاله المنصوب في بلدِه معرّة النعمان قرب مدينة حلب في العام 2013.
ترجمة: ليئة غلازمان | تحرير الترجمة: منى أبو بكر، صالح علي سواعد ومعتز أبو صالح