عراقي في باريس
صموئيل شمعون
“هذا فيلم لم يجر إنتاجه قط، فيلم أراد صموئيل شمعون صنعه من اليوم الذي غادر فيه مسقط رأسه، القرية الآشورية التي ولد فيها في العراق في كانون الثاني 1979. وعلى الرغم من أنه لا يستطيع بعد أن يرينا الصور على الشاشة، لكنه يستطيع قصّها، كما لا يستطيع سوى حكواتي ماكر ومحطم للأيقونات الدينية مثله قصّها. وبدل أن يصل إلى هوليوود، كما حلم طوال حياته، ها هو يمر في بيروت التي تقطّعت أوصالها وأصابها مس من الجنون، ويصل خالي الوفاض إلى باريس فينتقل بين باراتها ومحطات المترو وبعض الأصدقاء، ويحلم بكتابة سيناريو حول الخباز الأصم الأبكم الذي هو أبيه، ويحلم بأن يلعب روبرت دينيرو دور البطل في الفيلم، لكنّه يكتفي في النهاية بكتابة سيرة ذاتية من الأفلام حول الولد العاشق للسينما الذي كان في تلك القرية المنسيّة البائسة.
يمكن القول أن رواية عراقي في باريس تقف بدرجة معينة حيال تقليد عريق من مؤلفات سير ذاتية في الأدب العربي الحديث، كتبها أدباء عرب وصلوا إلى باريس بدءا من مطلع القرن التاسع عشر، لكن هذا الكتاب يتفوق على جميعها بكل ما يتعلق بالصدق والمكاشفة.
لا يتنازل صموئيل شمعون عن اسمه و لا عن هُويّته، وهو حكواتي فذ وصاحب موهبة في رصد سينمائي للتفاصيل الصغيرة، وغير مبال للتقلبات التي تطرأ على حياة الأرصفة في باريس، ويملك موهبة خاصة في اكتساب وفقدان الأصدقاء. قصة طفولته الغارقة في الفقر المدقع والومضات الخافتة من الأمل، تنتشل من غياهب النّسيان صورا ساطعة من الحياة الهامشية لأقليات الشرق الأوسط.”
أنطون شمّاس
ترجمة: يهودا شنهاف شهرباني | تحرير الترجمة: لؤي وتد
لاقتناء الكتاب