كأنها نائمة
الياس خوري
روى الراهب الـمُسِنّ لِميليا أنّ جدّه كان يحفظ مخطوطة قديمة سرقها من رئيس دير الفرنسيسكان في الناصرة، وهو الطليانيّ مابوط بنتشي، وفيها تظهر قصّة يوسف النجّار الحقيقيّة. كُتِب هناك -في ما كُتِب-أنّ الربّ قد أصعَدَ يوسف إلى السماء قبل صَلب ابنه بعشر سنوات. قال لها إنّ يوسف النجّار قد شُطِب من القصّة لأنّ بولص مؤلّف المخطوطة لم يفهم طبيعة العلاقة بين الأب والابن.
“هيك مكتوب بالإنجيل السرياني يللي ورثته … بكرا مرّي عليّي عالمغارة، وبقرالك”.
“بس أنا ما بعرف سرياني”. قالت.
هل كان الراهب اللبنانيّ الغريب الأطوار، الذي أحاطَ خاصرتَيْه بملاءة فلسطينيّة، يعيش حالة من الخرَف، كما قال لها منصور زوجها، أم إنّه لم يَعِشْ خارج مملكة الأحلام ورؤى السراب حيث تغوص معظم الأوقات؟ أَمْ لعلّ الحديث يدور عن حقيقة أعمق، ينقشع عنها الضباب وتصبح في غاية الوضوح في برزخ يتداخل فيه الحلم في الواقع، والحقيقيّ في الرمزيّ، على نحوِ ما يتبيّن من رؤياها السرابيّة الأخيرة المثيرة للقشعريرة؟
عبْر خطاب المرايا المخادع هذا، تتكشّف الرواية كأنّها نائمة كأحد النصوص الأدبيّة الاجتماعيّة الأكثر أهمّيّة التي كتبها الياس خوري. فالحديث يدور عن رحلة إلى أسس وعي الطبقة الوسطى اللبنانيّة والفلسطينيّة من منتصف القرن التاسع عشر حتّى منتصف القرن العشرين. من خلال عينَيْ بطلة القصّة شبه المغمضتَيْن، يكتب خوري بصحوة متجدّدة عن الثراء الثقافيّ الذي امتدّ في حيّز حدود بلاد الشام المفتوحة، بين لبنان وفلسطين وسوريا، وعن قمع النساء إلى جانب قوّتهنّ الصامتة، ويدوّن حدود السياسة الفلسطينيّة قبل لحظة واحدة من وقوع النكبة.
ترجمة: يهودا شنهاف-شهرباني | تحرير الترجمة: كفاح عبد الحليم | التحرير الأدبيّ: دفناه روزينبليط | التحرير اللغويّ: أميرة بنياميني-نيـﭬـو
لاقتناء الكتاب